رواية بنت ابو علي الفصل الثاني 2 بقلم شيماء حسن الصيرفي


 رواية بنت ابو علي الفصل الثاني 2 بقلم شيماء حسن الصيرفي


_ عارفين مين خطوبته وكتب كتابة الجمعة الجاية؟

قالتها ريم أول مدخلت من باب الشقة، بصينلها بإهتمام انا وأمي، فتكلمت أمي وقالت...

_ مين؟

ردت عليها ريم وقالت...

_ إيمان جارتنا.

الكلام وقع على ودني زي الصاعقة، للحظة سمعت صوت تكسير وتفتيت قلبي لمليون حته.

الأمنية دي بالذات اللي كان نفسي تتحقق، مقدرتش اتخيل واحدة تانية زوجتي غير إيمان، دي حب عمري وحب طفولتي.

مكنتش مصدق إنها خلاص طارت من إيدي وبقت لغيري.

_ مين اللي قالك يا ريم؟

قالتها أمي بحزن ردت ريم وقالت...

_ هي لسه قيلالي دلوقتي، قالتلي انه كان زميلها وبيحبها.

_ وهي كانت بتحبه؟

سألت وقلبي مرعوب من الإجابة، ردت ريم وقالت...

_ معرفش بس ممكن خصوصًا انهم زميال في الكلية. دا

نهت ريم كلمتها اللي كانت بمثابة سيوف بتقطع في قلبي، دخلت أوضتي المكان اللي بلجأله في كل مرة بيضيع من إيدي امنية بتمناها.

هو ليه كل ما اتمنى حاجة واسعى ليها تطير من إيدي، هو ليه السعادة مش من نصيبي، أنا معملتش في حياتي حاجة حرام تخلي كل دا يحصل معايا، معقول يكون إبتلائي في كل شيء بحبه يطير من إيدي؟



بصيت في السما وأنا بحاول أمنع دموعي من النزول وقلت...

_ بعزتك وجلالك راضي يا رب، بس هون عليا يا رب.

_ محمد.

قالتها أمي بحنان وهي داخله أوضتي، رديت عليها وأنا باصص لشباك وعاطيها ضهري.

_ مش زعلان يا أمي، مش نصيبي ولا رزقي، عارف إن ربنا كاتبلي رزق في حاجة تانية.

قلت كلامي بحزن ظاهر في نبرة صوتي، طبطبت أمي على ضهري بحنان وقالت...

_ أوعى تيأس يا محمد، وأوعى تقول ليه كل حاجة بتمناها مش من رزقي.

قطعت كلماتها وقلت...

_ خلاص معتش هتمنى تاني يا أمي ولا هسعى لأي شيء.

_ متقولش كده يا حبيبي وأوعى تقنط من رحمة ربنا.

تعرف إن ربنا لما بيحب يختبر عبد بيختبره في أكتر شيء بيحبه ويشوف هيصبر ولا لأ؛ لذلك يا حبيبي ربنا بيختبرك ويشوف هتصبر ولا لأ، أصبر يا بني وهتجني رزق كبير، خلاص أنت في نهاية الإختبار وقربت للجايزة الكبرى، أصبر وأوعى تقنط من رحمة الله.

_ حاضر يا أمي.

قلت كلماتي عشان أنهى النقاش.

بصيتلي أمي وهي بتمسك إيدي واتكلمت..

_ من ١٣ سنة بالظبط مر عليا إختبار صعب أوي وهو وفاة أعز وأغلى شخص على قلبي، كان صعب عليا الفراق، كان صعب حتى استوعب اللي حصل بس استعنت بالله وطلبت منه الصبر وصبرني، وقتها كنت بقول ليه يا ربي تاخد روح أحمد وفي الوقت دا، أكتر وقت محتاجينه فيها.

بعدها على طول عرفت إن ربنا لما بيحب يختر عبده بيختبره في أكتر حاجة بيحبها وفي الوقت دا ابوك كان أكتر حد بحبه.

صبرت على فراق ورضيت وربك ساعدني ومدني بالقوة اللي محتاجاها. 

بعد اللي حصل قلت خلاص مش هشوف حاجة أوحش من كده بس بعدها على طول حصلتلي المحنة اللي كانت سبب في قطمة ضهري وأكيد أنت فاكر حالتي وقتها كانت إيه، في الوقت دا كنت محتاجة رحمة ولطف ربنا بيا ولما طلبت منه بيقين عطاني وعطاني كتير يا محمد، عشان كده يا بني أصبر وأطلب العطف والرحمة من ربك وهو هيكرمك يا حبيبي. 



نهت كلامها، قربت مسكت إيدها وبوستها وقلت...

_ معرفش منغيرك ومنغير كلامك دا يا أمي كنت هعمل ايه، في كل مرة بيأس فيها بلاقيكي انتِ بتفوقيني، ربي يباركلي فيكي يا غالية.

قررت ادفن نفسي في شغلي هو الحاجة الوحيدة اللي هتخرجني من الحزن اللي أنا فيه وهو اللي هيكبرني ويخليني متميز في مجالي.

شغل التراجم زاد وكنت شغال مع شركة كبيرة في كندا بترجم لهم كل حاجة من عربي لإنجلش والعكس ولما لقيوا شغلي كويس عرضوا عليا إني اسافر واروح اشتغل معاهم.

كان القرار صعب، خايف أسيب أمي وأختي لوحدهم وفي الحد ذاته العرض دا ميتفوتش، كنت تايه مش عارف أعمل إيه دماغي واقفه عن التفكير مكنتش قادر أخد قرار، لكن أمي ساعدتي زي كل مرة وقفت قدامي زي الراجل القوي اللي محدش يقدر عليه.

قالتلي الحارس الله ومتقلقش عليهم.

بدأت أجهز أوراق السفر وسافرت بعد ١٥ يوم كان نفس يوم خطوبة إيمان، حمدت ربنا إني سافرت في اليوم دا عشان مشوفهاش قاعده جمب راجل غيري ولا في إيدها دبلة راجل غيري.

كانت الأيام صعبة في الغربة مكنتش متخيل إن بعدي عن أمي وأختي هيبقى صعب كده، كنت بدفن نفسي في الشغل عشان محسش بوجع الغربة.



ربنا وسع رزقي وكل يوم كانت معارفي بتزيد ورزقي بيكبر عن اليوم اللي قبله، اكتشفت إن ربنا كان شايلي رزق كبير أوي وإن شغلي دلوقتي أحسن من ميت دكتور بشري أو معيد في الجامعة.

هنا بس ادركت معني كلام أمي يوم نتيجتي لما قالتلي لو خدت أكتر من رزقكم عمرك مهتبقى سعيد، فعلًا عندها حق لو كنت أخدت غير رزقي مكنتش هبقى سعيد.

مر عليا في الغربة تلت سنوات خلالهم منزلتش خالص ولا شوفت أهلي، وجه اليوم اللي أنزل واشوفهم فيه وافرح معاهم بفرح ريم.

بعد تخرجها من كلية الصيدلة جه أتقدم ليها شخص كان مناسب من كل حاجة ووالدتي وافقت عليه واتفقوا على كل حاجة، وطول الوقت كنت معاها خطوة بخطوة وخلاص جه موعد الفرح فكان لازم أنزل.

_ شكلي حلو؟

قلتها لأمي وأنا ببص في المراية، ردت عليا وقالت..

_ هتبقى أحلى وانت لابسها يوم فرحك.

ابتسمت بحزن، حاسس إن اليوم دا مش هييجي؛ اللي معاها قلبي خلاص بقت من نصيب راجل تاني.

داريت حزني ورديت على أمي وقلت...

_ ان شاءالله يا أمي.

قلت كلماتي وخرجت برة الأوضة.



خرجت أكلم في نفسي هو ممكن أبقى عريس، لاقيت قلبي بيرد ويقول لا أنا مش هدق لغيرها ومش هقبل بغيرها، حسيت بوجعه بصيت للبلكونه اللي كنت ببصلها طول طفولتي استني اشوف طيفها، لمحت الباب بيتفتح بس في الوقت دا لاقيت إيد بتحط على كتفي وحد بيكلمني واندمجت معاه في الحوار.

مر اليوم اللي رغم السعادة اللي كنا فيها إلا انه كان مليان حزن، مكنتش قادر استوعب إن خلاص ريم مشيت وسابت البيت، حاسس إني سايب روحي مع حد غريب وخايف عليها، عاوز أرجعها لحضني تاني، الوقت دا حسيتها بنتي مش أختي ومكنتش عاوز أخرجها من حضني.

_ لا اجمدي كده.

قلتها بهزار وأنا بقرب من أمي أضمها.

_ خلاص يا محمد البيت فضي عليا وبقيت لوحدي.

_ متقوليش كده يا أمي، دا انتِ ارتحتي من ريم.

قلتها وأنا بضحك، ردت عليا وقالت...

_ متقولش كده ريم دي الحاجة الحلوة اللي في حياتي وكانت بتصبرني على غربتك، دلوقتي مين اللي هيصبرني وانا قاعده لوحدي بين أربع حيطان.

_ مين قالك إنك هتقعدي لوحدك؟

_ أوعى تكون هتستقر معايا؟

سألت بلهفه رديت عليها وقلت...

_ لا بس هاخدك معايا، خلاص معدش ليكي حجه، أنا جهزت كل الورق بتاعك وحجزتلك كمان يعني مش هتقدري تتكلمي.

_ واسيب ريم لوحدها.

_ حبيبتي ريم دلوقتي اتزوجك بقت مع زوجها وكمان في محافظة تانية يعني مش قريبه منك، وانتِ هنا لوحدك أنا مش هأمن عليكي قلبي مش هيطاوعني يا أمي.



كانت رافضه تسافر وتسيب البلد وخصوصًا تسيب البيت اللي مليان ذكريات بتجمعها هي وبابا، تعبت كتير وانا بقنعها لغاية مقتنعت وأخدتها معايا.

حياتي اتغيرت ١٨٠ درجة في وجود أمي، اتغير حياتي بقت احسن وصحتي اتحسنت بسبب وجودها واهتمامها بيا، بقا عندي قابلية للحياة أكتر، وإنتاجيتي زادت مكنتش متخيل إن وجودها يعمل كل دا، لكن ادركت إننا مهما كبرنا هنفضل أطفال في وجود الأم.

_ برضو مش ناوية تيجي معايا؟

قلتها وأنا بجهز شنطتي.

_ بحر ايه دا اللي اقضي فيه يوم.

_ تعالي بس يا أمي وهتتبسطي.

_ لا روح انت يا حبيبي وربنا يسهلك طريقك يا رب.

اتحايلت عليها كتير تيجي معايا بس رفضت، روحت المكان اللي هتأجر منه المركب اللي هقضي فيه يومي، هي مركب صغيره كده بتأجرها لما بحب أقضي يوم في الماية.

قضيت يوم جميل وهادي بين الصيد والتأمل والأكل، يوم كان سبب في هدوء وراحه للبدن.

في اليوم دا قررت أرجع بدري غير كل مره، واختارت أمشي من السهول القريبه من الغابات وبالصدفة وأنا ماشي شوفت نار.

طلع في حريق وكان لسه في بدايته وسمعت صوت ناس بتستنجد، اتجهتلهم بس النار كانت بتزيد والناس اعددها كبيرة المركب اللي معايا متكفيش.

فكرت في حل سريع ملقتش غير إني افتح لايف على الفيس بوك والناس تنجدنا وتتصرف وبالفعل عملت كده.

كنت بصور النار والناس صورت المركب وهي مليانه مسنين واطفال والماية وهي مليانه شباب وكنا بنصرخ بنطلب النجده، للأسف بعد دقايق من البث الاتصال اتقطع ومعرفناش نتوصل.



ولحسن حظنا الناس نشرت البث في وقت قليل والحكو*مة انقذتنا، جت طيارات تطفي النيران مراكب كبير تشيل الناس وبفضل الله مكنش فيه خساير.

رجعت البيت بعد اليوم المرهق دا وحمدت ربنا إن أمي مكنتش معايا مكنتش هتتحمل المنظر اللي شوفته خصوصًا انها بتخاف من النار.

حكيتلها ولما عرفت أخدتيني في حضنها وفضلت تحمد ربنا إني رجعتلها بسلام، قالتلي لازم تخرج صدقة كبيرة لله إنه نجاك من اللي كنت فيه.

أحلى ما في أمي إنها طول الوقت بتذكرني بحاجات أحيانًا بكون غافل عنها وبتفتح عيوني لحاجات مبكونش شايفها.

رغم إني خلاص على مشارف التلاتين لكن قدامها بكون زي الطفل الصغير اللي لسه بيتعلم.

تاني يوم لاقيت الشرطة جت على البيت، في البداية اتخضيت لكن لما اتكلمت معاهم لاقيتهم عاوزين يعرفوا اللي حصل امبارح.

روحت القسم وحكيتلهم إني كنت في رحلة صيد وبالصدفة اكتشفت إن في حريقة وحاولت أنقذ الناس، اخدوا اقوالي وسمحولي أخرج.

رجعت أمارس حياتي تاني زي الأول، لغاية مجالي خبر وكان سبب تغير حياتي رأس على عقب وهو إن الحكو*مة قررت تكافئني بعد مأنقذت الناس بكون موطن كندي وأحمل الجنسية.

طبعًا اللي حصل سببلي نقله كلية وجزئية في حياتي، بقا ليا مميزات كتيرة جدًا عمري مكنت هحظى بيها، مكانتي في الشغل اختلفت حتى راتبي زاد بقا ليا شعبية كبيرة بعد اللي حصل والكل عرفني بعد متشهرت بسبب اللي عملته.



وفرولي بيت ملكي أفضل من البيت اللي كنت ساكن فيه ميت مرة، في وسط المدينة وحيوي قريب من كل حاجة.

شكرت ربنا كتير على كرمه ليا وعلى الرزق الكبير اللي رزقني بيه عمري مكنت اتخيل في يوم ابقى مواطن كندي، ولا بادرت إني أدخل الاختبارات اللي تعطيني الجنسية، بس لما يبقى لينا رزق في شيء ربنا بيوفر لنا كل حاجة وبتاخد الرزق دا بأبسط وأقل مجهود.

_ اختك لسه قافله معايا وبتعيط عوزانا ننزل.

قالتها أمي بحزن، رديت عليها وقلت...

_ وحشتك؟

سألتها ردت عليا بضيق وقالت...

_ طب بذمتك دا سؤال؟!

رديت عليها وأنا ببتسم وقلت...

_ عاوزة تشوفيها أمتى؟

_ صحيح هننزل مصر.

قالتها بفرحه رديت عليها وقلت...

_ انتِ تؤمري يا أمي وأنا أنفذ.

ظبط مواعيد شغلي وأخدت اجازة شهر ورجعنا مصر، نزلنا من الطيارة باصيت لسما اللي شكها وحشني، عرفت إن مهما لفيت هتفضل راحتي في وطني.

خرجنا وكانت ريم وزوجها وابنها في انتظارنا، كانت وحشاني أوى حضنتها جامد، عيطت في حضني من شدة الإشتياق، طبطبت عليها وبوست دماغها، بدأت تهدى وسلمت على أمي وبكت تاني.

سلمت على زوجها وعطاني إبنها اللي كان نسخه مصغره منهم، كان أحلى من الصور بكتير وكلماته وحركاته كلها حلوة.

في اللحظة دي حسيت إني محتاج أعمل عيلة، وأكون أب ليه أطفال، يتعب لأجلهم، ليه هدف في الحياة.



بمجرد ما شيلت ابن ريم حست إني محتاج لطفل يكون معايا ديما حسيت معاه براحة، بضمة واحدة منه شال عني هموم كتيرة.

كنت سرحان بفكر ياتري لو اتزوجت هل هحب زوجتي، ولا قلبي هيفضل ملك غيرها.

بسبب النقطة دي حتى الآن خايف اتزوج، خايف أكون عايش معاها لجل الولاد أو زوجه وخلاص، خايف أظلمها أوأظلم نفسي.

_ حمدلا على السلامة.

قالتها ريم أول مدخلنا البيت.

بصيت للبيت ولكل ركن فيه، مكنتش متخيل إني اشتقت ليه لدرجادي، وحشني ريحته وشكله، اكتشفت إنه دافي أوي أدفى من بيتي في كندا، ولسه مليان حب رغم اننا خرجنا منه.

لما حسيت بإحساسي دا عرفت معنى الدفا، وإني مهما لفيت مش هلاقي الدفا غير في بيتي وموطني.

_ هدخل أغرف الأكل أكيد ميتين من الجوع.

قالتها ريم واتجهت للمطبخ وقعدنا كلنا في انتظارها، في الوقت دا كنت بلاعب يونس ابنها ألطف طفل شوفته في حياتي، سرحت معاه واتذكرك ايام طفولتي وأيام مكنت طفل ووالدي بيلعب معايا.

في اللحظة دي بالذات حسيت احتياجي إني أكون أب اتبخر وحل مكانه خوف، خوف إني أموت واسيب ولادي ويتكرر معاهم نفس السيناريو اللي عيشته.

خوفت يعيشوا في نفس الخوف والفقر والحاجة اللي كنت عايش فيهم، خوفت يعيشوا من غير ضهر ولا سند ليهم، اكتشفت ان أسلم حال ليا كوني عايش لنفسي وبس.

جت ريم بالأكل وقعدنا كلنا حوليه ناكل، الأكل اللي كان واحشني، اشتقت للبط والمحشي والأكل اللي مليان دفا وحب مع كل قطمة بنقطمها.

_ مش ناوي تفرحنا بيك بقا وتتجوز يا محمد.

قالتها ريم، رديت عليها وانا بضحك وقلت...

_ لا مش ناوي كفاية انتِ فرحنا بيكي.

_ اهو واجع قلبي كده كل مافتح معاه الموضوع دا.

قالتها أمي بحزن، رد عليها مصطفى زوج اختي وقال...

_ متتعبيش قلبك يا أمي، شوية وهتلاقيه جاي جري يقولك جوزيني فلانه يا أمي. 

نهى كلامه وهو بيضحك، فتكلمت وقلت..

_ مهي طارت فخلاص معدش فيه حاجة للزواج، وبعدين أجيب واحدة وأخلف منها وأموت واسيبها بقا تعبانه وبتجري على الولاد. 

لا انا افضل كده عايش حياتي أحسن من ميت زواج.

نهيت كلامي اتكلمت أمي وقالت....

_ تفكيرك دا حرام؛ لأن المفروض أنت كمؤمن تؤمن بالقدر خيره وشره.

_ يا أمي أنا مؤمن بس خايف عليهم أموت ويتعبوا زي 

بترت أمي كلماتي وقالت...

_ لا مش مؤمن بالقدر ولو كنت مؤمن مكنتش هتوقف حياتي على خوفك دا، حبيبي الاقدار دي مكتوبه ومقدره من عند ربنا عز وجل وهنشوفها مهما حصل.



ولو خايف تكرر نفس التجربة مع ولادك فمتنساش ان ربك الرزاق بيرزق كل إنسان بيسعى ومبينساش حد، أه موت أبوك كان صعب علينا وأثر في حاجات كتيرة بس كان سبب في حاجات حلوة تانية إنك طلعت راجل من صغرك معتمد على نفسك، تقفت قدام أي حد يحاول يسني أو يمس أختك بأي شيء.

لو كان أبوك عايش مكنتش شخصيتك هي نفسها، كانت هتبقى أضعف وهش عن كده ومكنتش هتبقى مسؤول زي دلوقتي.

نهت أمي كلامها واستأذنت منهم أدخل ارتاح، فردت جسمي على سريري وبدأت أفكر في كلام أمي.

جوايا ندم إني ظهرت مخاوفي ليهم، دلوقتي عرفوا أسبابي وكل شوية والدتي هتفضل تزن عليا في موضوع الزواج.

قعدت وحطيت راسي بين إيدي بحاول أمنع دماغي من تكرار كلمات أمي اللي كلها صح، أيوة بخوفي دى أنا مش مؤمن بالأقدار، رغم إنها مقدره من ربنا بخيرها وشرها وهتحصل مهما كان.

بخوفي دا هدمر حياتي، وهفضل لوحدي طول عمري.

فضلت كلماتها عن موت والدي وأثرها عليا تتردد في ودني، فعلًا لو كان لسه عايش مكنتش هبقى أنا دلوقتي، شخصيتي مَبقتش قوية غير لما لاقيت الناس بتدوس على أمي.

عمري مكنت هسافر ولا هيبقى معايا كل اللي أنا فيه دلوقتي لو كان والدي عايش.

فضلت أشوف أثار موت والدي عليا لاقيت أغلبها إيجابية، اه زعلت وضهري اتقطم من بعده وعانيت كتير أوي، بس دا كان سبب في نجاحات كتيرة ليا.

في اللحظة دي اكتشفت ان كل حاجة صعبة أو كل إبتلاء بنمر بيه ما هو إلا نعمة لينا من ربنا، بس للأسف بنكتشف دا بعدين، وديما في وقت الإبتلاء والمصيبه بيبقى ديما نقول ليه يا رب، رغم إننا المفروض نقول الحمدلله يا رب الحمدلله.

قررت انصت لكلام أمي وأختي وأفكر في موضوع الزواج بجدية وبدأت في رحلة البحث عن زوجه، لما قولت لأمي كانت طايرة من الفرحة ومش مصدقة ودنها وقالتلي من بكرة هدورلك على أحلى عرايس.

قضيت أسبوع في مصر، زورت صحابي اللي كنت مشتاق ليهم شبه كل يوم كنت بقابل ناس جديدة، قعده الصحاب كانت بتشيل هموم كتيرة وبترجع الإنسان لأحلى زمان، زمان ما قبل المسؤولية.

صليت العشاء ورجعت البيت، فتحت الباب ولاقيت ضيوف مع والدتي، ألقيت السلام وكنت هتجه لأوضي لكن والدتي نادت عليا.

_ تعالي يا محمد سلم على خالتك سناء بتسأل عليك.

اتجهت نحايتهم مكنتش مصدق اني واقف قدام إيمان ووالدتها، سلمت باللسان عليهم وقعدت على كرسي بعيد شوية بحيث نظري ميبقاش وجه اتجاهم وأقدر أغض بصري.



قعدت وحسيت بقلبي بينبض بعنف، مكنتش متخيل إن حبها زاد وبنظره واحدة ليها أحس إن قلبي عاوز يخرج من ضلوعي، كنت في حرب بين إني أبص ليها وأروى اشتياق السنين منها وبين إني أغض بصري عنها.

قررت إني أقعد خمس دقايق واستأذن منهم عشان مضعفش.

_ محمد خالتك سناء بتكلم.

انتبهت لأمي، وبصيت اتجاة أم إيمان وقلت...

_ اعذريني منتبهتش.

_ ولا يهمك يا بني، كنت بقول مبروك على الجنسية، فرحت لما عرفت والله يا بني، أنت طيب وتستاهل كل خير.

نهت كلامها بإبتسامه، رديت عليها وقلت...

_ الله يبارك فيكي يا خالتي.

اتكلمت أمي وقالت...

_ عبال متبركيله على العروسه مش الجنسية.

قالتها أمي وهي بتضحك، ردت عليها أم إيمان وقالت...

_ ربنا يرزقك ببنت الحلال يا رب.

_ ويرزق إيمان بنتك بابن الحلال يا رب.

قالتها أمي وبصتلي وهي بتبتسم بخبث.

في اللحظة دي بصيت لإيد إيمان لاقيتها فاضيه ومفيهاش دبله فتكلمت بسرعة وقلت...

_ هي الأستاذة إيمان متجوزتش؟

سألت بلهفة ومنتظر الإجابة، ردت عليا أم إيمان بحزن وقالت...

_ لا، اتفق معانا يتجوز بعد سنتين وفضل يماطل ويقول كام ست شهور في ست شهور لغاية مالسنتين بقوا أربعة وفي الأخر طلقناها.

رديت عليها بإبتسامة معرفتش اداريها وقلت...

_ ربنا يرزقها بإبن الحلال يا رب.

قلت جملتي واستأذنت منهم.

دخلت أوضتي وفضلت اتنطط من الفرحة، زي ميكون مراهق لسه سامع اعتراف الحب من حبيبته.

مكنتش مصدق إنها متزوجتش، وممكن تبقى من نصيبي، الفكرة دي كانت مخلياني طاير من الفرحة طير.

_ كان ناقص تقولها مبروك على فسخ خطوبة بنتك.

قالتها أمي وهي بتفتح باب أوضتي، رديت عليها بفرح وقلت...

_ مكنتش مصدق نفسي يا أمي، غصب عني معرفتش اتحكم في فرحتي.

_ بكرة إن شاء الله هروح اخطبهالك.

قالتها أمي وهي بتحضني، خرجت من حضنها وأنا بقول...

_ لا تروحي تطلبعا دلوقتي، لا يلدغ للمؤمن من جحر مرتان.

ردت عليا أمي وهي بتضحك وقالت...

_ يوه يقولوا علينا إيه؟

_ يقولوا اللي يقولوه المهم تروحي الليلة.

وفعلًا رضخت أمي لرغبتي وراحت لهم.

بمجرد خروج أمي حسيت إني قاعد على جمر ومنتظر رجوعها بفارغ الصبر، كنت كل شوية أبص من الشباك أشوفها جت ولا لسه، كنت منتظرها زي الطفل اللي منتظر أمه ترجع من السوق.



جريت على أمي أول مدخلت من باب الشقة، ضحكت على شكلي وقالت...

_ استني أقعد حتى.

أول مقعدت اتكلمت بلهفه وقلت...

_ عملتي إيه؟

اتكلمت بفرحه وقالت...

_ اتكلمت مع امها وابوها ورحبوا وقالوا انهم يتشرفوا بيك بس الرأي رأي في إيمان.

_ يعني أه ولا لأ؟

سألت بخوف ردت أمي وقالت...

_ باين على أمها وابوها موافقين بس لازم رأي إيمان، عشان كده أخدت معاد منهم يوم الخميس تروح هناك رؤية وتقعد مع إيمان.

كنت منتظر يوم الخميس دا بفارغ الصبر، كنت بعد الايام.

جهزت ولبست أشيك ما عندي، رشيت عطر فخم ولبست ساعتي، أخدت الشيكولاته اللي اشتريتها واتجهت لبيتهم.

وقفت قدام بابها وضربات قلبي زي ميكون في سباق، وحاسس بتوتر محسيتش بيه قبل كده، أخدت نفس طويل ورنيت للجرس، ثواني وفتح والدها الباب.

رحب بيا ودخلت وراه، قعد معايا هو ووالدتها، اتكلمنا شوية وشرحتله ظروفي وإني شبه مستقر في كندا بسبب شغلي ولو حصل نصيب هاخدها معايا، وهننزل اجازات.

حسيت إن وش والدتها اتخطف، لوهله خوفت انهم يرفضوا بسبب الغربة، داعيت جوايا انها تبقى من نصيبي.

دقايق وخرجت والدتها وناديتها، دخلت بخجلها اللي كان مخليها أميرة، قعدت وبعد دقايق خرج والدها وولدتها وسابونا لوحدنا.

بصيتلها لأول مرة بدون ما أغض بصري، لاقيت ملامحها بقت أحلى بكتير من طفولتها، حسيت إني مش عاوز أنزل عيوني من عليها حابب أفضل باصيصلها وبس.

فضلت باصصلها دقايق، حمحمت إيمان بخجل فنتبهت وسألتها عن حالها وبدأت اتكلم معاها، حكيتلها عن نفسي سريعا وشغلي وطبيعة العيش هناك، سألتني أسأله كتيرة وجاوبت عليها بكل حب.

قولتلها ان والدتي هتعيش معانا في نفس البيت؛ لاني مش هسيبها لوحدها مهما كان، وكمان قلتلها لو حابه يبقى ليها بيت مستقل هنا معنديش مشكلة أما طول واحنا برة امي معانا.

في نهاية جلستنا سألتها شوية أسئلة في تربية الأولاد واجابتها كلها عجبتني أكنها قاعده جوا دماغي واجزمت انها لازم تبقى من نصيبي.



شوية وجه والدها وهي خرجت، سألت والدها هيرد عليا أمتى قالي بعد أسبوع.

اتنهد كان نفسي أقوله مينفعش أجيب المأذون دلوقتي ازاي هنتظر أسبوع.

مر عليا خمس أيام وكنت خايف جدًا من الرفض، عارف أن الغربة بنسبالها ممكن تكون صعبة عليها وعلى أهلها بس سهل انها تعتاد عليها

اللي كنت خايف منه إنها ترفض لوجود أمي معانا، بس حتى لو رفضت لسبب دا فأنا عمري مهسيب أمي لوحدها في السن دا بعد كل التعب اللي تعبته لأجلنا ودا أبسط شيء أقدمه ليها إنها تفضل وسطينا.

موبيلي نور معلن اتصال، كان من والدها، مسكت الموبيل بتوتر ورديت عليه.

خوفي كان باين في نبرة صوتي وهو حس بيه لذلك قالي الخبر على طول.

_ ان شاءالله تنورنا أنت والوالده يوم الجمعة تقرأ الفاتحة.

مكنتش حاسس بضربات قلبي من شدتها وهي بتعلن الفرحة، مكنتش مصدق انها وافقت وهتبقى من نصيبي، سعادتي وصلت حد السماء، دموعي نزلت من الفرحة.

خرجت من الحالة اللي كنت فيها بالعافية وقلت..

_ إن شاء الله يا عمي.

قفلت الخط واتجهت لأمي، حضنتها بشده وقلت...

_ ابنك هيبقى عريس يا أمي.

قلتها بفرحه، ردت عليا وقالت...

_ مش قلتلك هتبقى من نصيبك.

قالتها أمي وهي بتطبط عليا.



كنت منتظر يوم الجمعة على أحر من الجمر، وأخيرًا إيمان بقت من نصيبي، اتفقت مع والدها على كل التفاصيل، اتفقنا إني هكتب كتابي عليها قبل ما أسافر وهعمل ورقها وأرجع نعمل فرح وأخدها ونسافر. 

وبالفعل وافقوا على كده.

واتفقنا إن الخطوبة وكتب الكتاب بعد أسبوع.

_ المرادي شكلي بالبدلة أحلى مش كده.

قلتها وأنا ببص لأمي، ضمتني بحب وقالت...

_ طبعًا؛ لإنك العريس.

خرجت من حضنها، ومسكت إيدها بوستها وقلت....

_ عمري مكنت هوصل للحظة دي بدونك يا أمي، أنا لا شيء من غيرك.

نهيت كلامي ولاقيت أمي بتبكي بفرح، كان رد فعلها إنها أخدتني في حضنها.

روحنا بيت إيمان اللي كان متزين ومليان سعادة، قعدت وشوية جه المأذون وخرجت أجمل أنثى شوفتها في حياتي كانت جميلة لا جميلة دي كلمة بسيطة في حقها، كنت بجاهد عشان أشيل عيوني من عليها.

_ وأنا قبلت الزواج من إبنتك الآنسة إيمان.

كنت بردد ورا المأذون بفرحة كبيرة مش مصدق نفسي إني بكتب كتابي على اللي قلبي ملكها.

نهى المأذون وبدأت المباركات تنهل علينا، الكل باركلنا بفرحة، جت وقفت جمبي، مسكت إيدها، كان نفسي أضمها لكن مرضيتش أعمل دا احترام لوالدها، قلت لنفسي يكفي إني ماسك إيدها وأقدر ابصلها بدون مانع.

الكل مشي وتركونا لوحدنا، مكنتش مصدق إني قاعد معاها وهي زوجتي كنت باصصلها ومبتسم. 

حمحمت وهي بتتكلم بخجل وقالت...

_ هتفضل باصصلي كتير.

رديت بفرحة وقلت...

_ أه؛ لأنك حب الطفولة والشباب والأمنية اللي كنت بتمناها طول حياتي.

بصيتلي ببسمة مليانه خجل وقالتلي...

_ بجد؟

ابتسمت وبدأت احكيلها عن حبي ليها ازاي هي كانت امنية بعيدة المنال.

مع كلماتي كانت ابتسامتها توسع والفرحة ظاهرة على وشها، طلعت كل اللي في قلبي اتجاها، حسيت إني كنت منتظر اليوم اللي أخرج فيه مشاعري بفارغ الصبر.



جه يوم سفري، كنت زعلان إني سايب أمي وإيمان هنا، بس كنت بحاول أهون على نفسي إن كلها شهرين وراجع.

جت أكتر لحظة بكرهها، كان البيت مليان بالحبايب، أمي واختي وزوجها وإيمان وأهلها.

دخلت أوضتي أخرج الشنط، سمعت خبط على الباب المفتوح، لاقيتها ايمان، بصيتلها فقربت ووقفت اتجاهي.

_ خلاص هتسافر؟

قالتها بحزن، قربت اتجاها وقلت..

_ كلها شهرين وراجع.

اتكلمت وهي بتعيط وقالت...

_ شهرين يا بخيل! يعني ستين شمي وستين ليل!

مسكت إيدها واتكلمت وقلت...

_ معلشي اتحملي الشهرين لأجل العمر كله.

هزت دماغي وهي بتبكي، قربت مسحت دموعها وبوست جبينها.

خرجت ودعت الجميع، ضميت أمي بشدة، كنت خايف وانا سايبها لوحدها، حاسس إني سايب بنتي.

سافرت ورجعت لحياتي تاني، حياتي اللي البرودة بتكسوها، كنت بجهز ورق إيمان وبحاول أخلصه بسرعة لأجل اجيبها هي وأمي وترجع حياتي دافيه زي الأول.

مر الشهرين اللي كانوا أصعب شهرين في حياتي وأخدت أجازة أسبوع لأجل إني أنزل اتزوج إيمان وأخدها هي وأمي ونرجع.

جهزنا كل شيء للفرح، بس أمي رفضت إنها تسافر معايا زعلت منها أوي بس هي فضلت على رأيها، قالتلي إنها ملحقتش تشبع من أختي وقالتلي إنها هتيجي بعدها بشهرين أو تلاتة.

كنت عارفة إنها قاصدة تعمل كده لأجلي أنا وإيمان، رغم كده كنت زعلان ومش عاوز اسيبها لوحدها خايف عليها، خصوصًا إنها بعيدة عن ريم، بس مامت إيمان كان بتطمني وقالتلي إنها وصتيهم.

جه يوم الفرح أكتر يوم انتظرته، لبست واتجهت لبيت إيمان ثواني خرجت عليا، مقدرتش اتكلم من جمالها.



كانت لابسة فستان ابيض هادي جدًا وحاطه ميكاب بسيط مخليها ملكه جمال، قربت منها وعطيتها الورد.

أخدته مني على استحياء، وهي بتبتسم في وشي.

مسكت إيدها ونزلنا سوا وصت زغاريد الستات، كنت سعيد وفرحان أوي، اقدر اقول إني عرفت لسعادة طعم.

 من شدة سعادة أمي بيا كانت بتبكي وريم كانت فرحانة أوي بيا، مكنتش متخيل إن زواجي هيدخل على قلبهم كل الفرحة دي.

مكنتش متخيل كرم ربنا عليا، رزقني بكرم مكنتش في يوم اتوقع إني هبقى فيه، ورزقني بنعم كتيرة مكنتش اتوقع في يوم إني أبقى فيها، عرفت معنى الابتلاء اللي هو ما هو الا رحمة لينا من ربنا وعلى شدة الإبتلاء بيعظم الجزاء.


تمت



تعليقات
تطبيق روايات
حمل تطبيق روايات من هنا



×